البعد التاريخي لنشأة المدن - المدينة عبر التاريخ -

     
       
          تعتبر المدينة ظاهرة قديمة جدا، لذا من الصعب جدا من الناحية التاريخية تحديد سنة ظهور المدينة، و عموما فإن الألف السادس و الألف الخامس قبل الميلاد كان التاريخ الذي اتفق عليه العلماء في تحديد تاريخ نشأة المدن و ظهورها، المشكل الذي كان مطروحا هو فقدان المعايير للتمييز بين الريف و المدينة، فقديما لم تكن المقاييس كمية فقد كانت المقاييس وصفية موضوعية و هناك نظريتان تطرقتا لهذا العنصر :
نظرية "مُنْفِرد" : هو وجود مركز اجتماعي منظم يتميز بوجود معبد و وجود مجموعة من المرافق كالجسور و المسكن الثابت و الطرقات و مخازن المياه و مشاريع الري  .
نظرية "تْشَايْلد" : التفريق بين المدينة و الريف يكون على أساس تقسييم و حجم السكان و جمع الضرائب و المباني العمومية و التجارية و التركيب الاجتماعي.


عوامل نشأة المدن : 

هناك عدة عوامل ساهمت في ،شأة المدن و تطورها، لعل أهمها نذكر :

1 - عوامل اِقتصادية: لاحظ المؤرخون أن بداية نشأة المدن بدأت عند تحوّل الإنسان من مرحلة الصيد إلى مرحلة الزراعة و ذلك لأن الزراعة تتطلب الاستقرار أي ظهور الحضارة الزراعية، كذلك الإكتشافات التي ظهرت في الصناعات البدائية مثل المحراث الخشبي الذي يزيد من الإنتاج الزراعيو تنوّعه، أصبح الإنتاج كاف، و بالتالي انصرف السكان عن الزراعة، و اتجهوا نحو أنشطة أخرى كالتجارة و التبادلات و الثقافات الأخرى كالحساب و التفكير الرياضي و الذي تتطلبه التجارة، لذلك فإن ظهور المدن مرتبط بظهور الإحصاء و الكتابة .

2- عوامل سياسية: لوحظ بأن التطور الذي حدث من الناحية الإقتصادية تطلب وجود سلطة مركزية لتنظيم العلاقات بين الناس مثل تنظيم الري كوجود القضاة و الشرطة، و إن الفائض في الإنتاج خلق التجارة و خلق منازعات فظهر على إثرها القاضي الذي يفصل بين نزاعات السكان، كذلك الجيش و منه ظهور سلطة مركزية، و منه ظهور الأمير الذي يحكم الناس و يجمعهم (مثل حمورابي في الحضارة الآشورية)

3- عوامل دفاعية: بعد التطور خلق نوع من التنافس و ظهور الطمع و التعدي، و بالتالي اضطر الناس الى التجمع في مناطق محصنة، لأنها تحميهم من العدو، مثل الحصون، القلاع و هو سبب رئيسي في ظهور المدن