الصناعة في المدينة


المنطقة الصناعية -البوني -

     تُكون الصناعة جزءًا مهما من الأساس الاِقتصادي لكثير من المدن و خاصة المدن الكبرى منها، و نظرا للوفرات الاِقتصادية التي تخلقها الصناعة، تحرص السلطات على جذب الصناعة إلى المناطق الحضرية و العمل على تقوية أساسها الإقتصادي بتوفير المواقع و المواضع الملائمة لها و تجهيزها بالمرافق و الخدمات الضرورية كالماء، الكهرباء، طرق المواصلات.
  و تلعب الصناعة دورًا رئيسا في تنمية المدن و تتجه العديد من الحكومات من بينها الجزائر إلى تطوير البنية الصناعية كوسيلة للنهوض باِقتصاديات المدن لما توفره من اِمكانات واسعة في ميدان التشغيلو تحسين المستوى المعيشي و الاِجتماعي للسكان.


ظهور الصناعة بالمدينة:

  يعود توطن الصناعة في المدينة إلى الثورة الصناعية في القرن 19، و كانت البدايات الأولى للصناعة تعتمد على المواد الأولية الطبيعية كالفحم و الحديد الخام، و لذلك ظهرت بدايات التصنيع بالقرب من أحواض الفحم و الحديد التي تم ربطها بالمدن و بشبكة من السكة الحديدية، و بعد ذلك خضع التوطن الصناعي لقيم جديدة تتمثل في الثلاثية التالية (السكان -الخدمات -المبادلات ) و هذه القيم توجد بالدرجة الأولى في المدن، و عليه اِمتداد الاِنتشار الصناعي ليشمل عددًا أكبر من المدن و ليس تلك القريبة من مكان المواد الأولية فقط كما كان الأمر في بداية التصنيع، و نظرًا لاِتساع المبادلات التجارية و خاصة على المستوى العالمي فقد اِستفادت المدن الساحلية بصورة أساسية من التوطن الصناعي (استراد المواد الخام، تصدير المواد المصنّعة )، بعد ذلك ظهرت قيم جديدة تتحكم في التوطن الصناعي و هي تخطيط و تهيئة المجال، حيث أصبح الهدف من توطن الصناعات هو توفير الشغل و كذا الجدوى الاِجتماعية، لأن الصناعة عامل مهيكل للمجال، و ضمن هذا المنظور تصبح التكلفة الاِقتصادية محدودة، حيث تتجه بعض الدول خاصة الاِشتراكية نحو هذا الاِتجاه. 

تنظيم الصناعة في المدينة و متطلبات الموقع: 

عندما يقرر رجل الصناعة سواء كان فردًا أو مؤسسة أو دولة (حكومة ) اِقامة صناعة معينة لابد أن يحدد اِختياره على 03 مستويات مجالية (إقليمية، محلية و موقعية )، حيث يبدأ أولا في البحث عن الإقليم أو المنطقة المناسبة لاِحتضان المصنع و هناك عوامل رئيسية تحدد مبدأ المفاضلة بين اِقليم (منطقة ) لآخر، و هي المتطلبات الإقليمية، و نذكر:

- وفرة المواد الخام التي تدخل في إنتاج الصناعة المقصودة.
- المناخ المناسب و الملائم (حركة الرياح، وفرة المياه، الرطوبة... ).
- وجود الأسواق اللازمة لتصريف المنتوج
- توفر شبكة جيدة من الطرقات و السكك الحديدية.
- وجود مهارات مختلفة من القوى (الأيدي ) العاملة للتشغيل.

ثم يأتي المستوى الثاني و هو اِختيار المدينة المناسبة داخل هذا الإقليم لقيام الصناعة، و يتحكم في اِختيار المدينة عدّة عوامل (من ضمنها العوامل السابقة ) اِضافة إلى عوامل أخرى تسمى بالمتطلبات المحلية و هي:
- المادة الخام، المناخ المناسب، الأسواق، شبكة الطرقات، اليد العاملة.
- المرافق العامة و الشبكات المختلفة ( المياه، الكهرباء، الغاز، الهاتف... ) 
- الخدمات العمومية (المستشفيات، المدارس، مؤسسات الكوين ... )
- خدمات أمنية (مكافحة الحرائق، الحماية المدنية ... )
- تشريعات مناسبة ( التخطيط العمراني، الرسوم، الضرائب ... )

ثم يأتي بعد ذلك المستوى الثالث، حيث بعد الاِستقرار على رأي لاِختيار المدينة المناسبة يبدأ البحث عن الموقع المناسب داخل هذه المدينة لإقامة المصنع و الذي يجب أن تتوفر فيه الشروط التالية:

- شكل و مساحة الموقع ( مع الإشارة إلى أن الصناعات الثقيلة تتطلب مساحة و اسعة و كاملة ).
- مظاهر سطح الأرض ( الإنبساط، نسبة الإنحذار لا تتعدّى 5 % ).
- القرب و البعد من الطرقات و مناطق السكن.
- المناخ المحل.
- التشريعات السارية ( مخططات استخدام الأرض، الضرائب و الرسوم، طبيعة التملك ... )
- سعر الأرض و مدى توفر المرافق (مياه، طاقة ... )
- طبيعة الاِنتاج الصناعي ( صناعة ثقيلة، صغيرة و متوسطة ).

متطلبات الأرض الصناعية: 

   يندرج موضوع الضناعة في المدينة ضمن اِختصاص مسيري و مخططي المدينة، حيث يجري الاِهتمام بمعرفة ما هو متوفر في الأرض الحضرية للاِستعمالات المختلفة، و ما هو مقدار المساحة المطلوبة لكل اِستعمال في المستقبل خاصة و أن المدن في توسع مستمر، و أن الطلب على الأرض الحضرية في زيادة مستمرة، و يتم تصنيف اِحتياجات الصناعة للأراضي كما يلي:

- الصناعات الممتدة: تكون فيها المساحات واسعة قياسيا بعدد العاملين ( عامل- 15 عامل / هكتار ) مثل صناعة الحديد و الصلب، البترول و المحروقات و الصناعة الكيماوية، مواد البناء ...
 - الصناعات المتوسطة: يتراوح فيها عدد العاملين في الهكتار بين 50-75 عامل
- الصناعات الكثيفة: يزيد فيها عدد العاملين 75 / هكتار.