العوامل المتحكمة في نشأة المدن

    تعود نشأة المدن إلى عدة عوامل بشرية، سياسية، دينية و حتى اِقتصادية. و بعيدا عن كل هذه الأسباب و الدوافع لظهور المدن فالعامل الجغرافي يلعب دورا هاما في اِختيار مواقع المدن و في دورها الذي تقوم به و نوعية النشاطات التي تؤديها و اِمكانية توسعها المستقبلي. و على هذا الأساس تتوزع المدن بصورة غير متكافئة جغرافيا متأثرة بالمقومات الأساسية لقيام المدن، و هي طبيعية كالتضاريس و الموارد المائية و النشاط الاِقتصادي. 

1- الموقع: Situation
    موقع المدينة هو الموقع الفعّال الذي يحمل مغزى و دلالة بشرية أو مدنية واضحة واضحة، أي هو الموقع المكاني و علاقته بالمناطق المحيطة به، و يدرس الموقع بطريقتين:

* الموقع بالنسبة للمناطق المحيطة به و الأجزاء المجاورة، كالأقاليم الطبيعية و الإدارية.
* الموقع لا يحدد بالنسبة لإطارات سامية مطلقة، و إنما يحدد بالنسبة للمجالات الفعّالة، و التي لها قيمة بشرية و اقتصادية حيويّة، لتحديد مدى الاِرتباط بين هذه المدن و مناطق الاِنتاج و الإستهلاك و شبكات النقل، و هو منهج حيث يعبر بصدق عن اِمكانيات الموقع، فهو حياته. يتم تحديد الموقع بالنسبة للمقياس الإقليمي أو الوطني، اعتمادا على العناصر الطبيعية (شواطئ، بحيرات، وديان، سلاسل جبلية، مضائق، خلجان، سهول...) و أيضا بالنسبة للعناصر البشرية و التاريخية (حدود سياسية، لغويّة، دينية، محاور الطرق و التدفقات، سكك حديدية...). و الجدير بالذكر أن التحديد يتم بالاعتماد على خرائط صغيرة المقياس 1/100.000، 1/200.000 أو حتى 1/1.000.000 لأنها توضح مسافات شاسعة تسمح بتحديد موقع المدينة بالنسبة للوحدات الطبيعية الكبرى المحيطة بها كما تسمخ بتحديد موقع المدينة بالنسبة لباقي المدن و بالنسبة لمحاور الطرق و الموارد الطبيعية.

2-1 أنواع المواقع: -هناك العديد من الأنواع من المواقع، نذكر منها:

* المواقع الطبيعية و هي مواقع ثابتة لا تتغير وهي من صنع الطبيعة و نميز بها:
-مواقع الصفصاف: أي أين يلتقي الماء باليابس و نخص هنا المدن الساحلية
-مواقع إلتقاء السهل و الجبل مثل: باتنة، مراكش، طهران...
-مواقع إلتقاء حضارات مختلفة.
-مواقع الانقطاع الحركي: مثل البحر و البر، حدود الدول و نعني بالإنقطاع المكان الذي يستدعي تغير و سيلة النقل.
-المواقع العقدية: كتلاقي الأنهار و تقاطع الوديان، ممرات و فتحات الجبال مثل موسكو، باريس و بغداد.
* تصنيف اإقتصادي: تطلب وجود الثروات الطبيعية (أحواض الفحم و الحديد و أبار البترول...) قيام مدن التعدين و المناجم، المناطق الزراعية الغنية التي تتطلب قيام المدن و أسواق للتبادل (مدينة الخروب).
* المعيار الحضري: إن تزايد حجم الحضر يتطلب إنشاء مدن أخرى كالمدن التوابع حول المدن الكبرى كما أن إنشاء المدن الجديدة في العصر الحديث مواقعها تختار على بعد معين و بعلاقة مع باقي الشبكة الحضرية.
* المواقع بالنسبة لأحزمة الأخطار الكبرى كالزلازل و البراكين.

2- الموضع Le site:
المقصود بالموضع Le site الأرض التي تقوم عليها المدينة و المنطقة التي تشكلها فعلا كتلتها المبنية، و هو عامل هام للتمييز بين المدن، و الموضع عنصر هام في دراسة بيئة المدينة و اِطار الحياة بها، كما أن الموضع يفسر جميع الظروف الطبيعية للمدينة (التربة، الجيوتقنية، ميكانيك التربة، المناخ المحلي... ).
يحلل الموضع بالاِعتماد على خرائط ذات مقاييس كبيرة 1/50.000، 1/25.000 أو حتى 1/10.000 و كذلك بالصور الجوية.

1-2- أنواع المواضع: تلعب المواضع دور الحماية و المدن القديمة أغلبها من هذا النوع، وهناك نوعان:
* مواضع الحماية البحرية: تضمن سهولة الحركة، التجارة و الدفاع لأن المواضع القائمة بالقرب من الماء (يوفر لها حاجز طبيعي) يوفر لها الحماية، و من أمثلتها:
- جزر على شاطئ البحر (الجزائر)
-جزر وسط الأنهار و البحيرات (باريس)
-جزر أرخبيل (نيويورك)
-مصبات الأنهار (بوسطن)
- إلتقاء الأنهار (الخرطوم)
* مواضع الحماية البرّية: أساسها الربوات و التي تخف بها العوانق و الإنحذارات، و هي تتدعم بأسوار. مدينة قسنطينة.